أطروحة دكتوراه في جامعة بغداد تناقش قطع الكشاكيل الموجودة في متحف الكفيل

شهدت كلية الآداب بجامعة بغداد مناقشة أطروحة دكتوراه للباحثة ختام مهدي عبد الأمير الموسومة ( الكشاكيل وعاء الصدقات في متحف الكفيل ) وقد أُنجزت تحت إشراف الأستاذ الدكتور حيدر فرحان حسين الصبيحاوي .
وفي تصريح خصّ به شعبة الإعلام المتحفي، أكد الأستاذ الدكتور المشرف على الأطروحة قائلًا: ( تُعدّ الكشاكيل من أبرز المفردات الأثرية لما لها من انعكاسات على المستويين الديني والفني في الحضارة الإسلامية، إذ كانت الأداة الأساسية التي اعتمدها المتصوفة في ممارسة شعائرهم وطرائقهم، ولم تقتصر على طبقة اجتماعية معينة، بل استُخدمت من الفقير المتصوف حتى الأمراء والسلاطين ويمثل الكشكول جانبًا فنيًا راقيًا، أُبدعت في زخرفته عناصر ذات دلالات طقسية خاصة ومن المفيد أن نشير إلى أن الكشكول بوصفه وعاءً طقسيًا لم يأتِ من فراغ، بل له جذور في حضارات بلاد الرافدين القديمة، حيث استُخدمت الأوعية في الطقوس الدينية وشغلت حيزًا مهمًا من أدوات المعبد، ومن الناحية الأكاديمية فإن هذه الأطروحة تُعد الدراسة الأولى من نوعها على مستوى العالم الإسلامي، إذ لم يتناول أحد من الباحثين موضوع كشاكيل المتصوفة بدراسة أكاديمية مستقلة بهذا العمق بينما ما ورد في الكتب والدوريات لم يتعدَّ عرض كشكول أو اثنين ضمن دراسات وصفية أما هذه الأطروحة فقد غطّت بشكل شامل كل ما يتعلق بثقافة الكشكول من تسميات وجذور تاريخية ودلالات رمزية، وأنواع الكشاكيل، وطرائق صناعتها وزخرفتها ومقارنتها بما ظهر في المصورات الإسلامية، معتمدة على أربعين نموذجًا محفوظًا في متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات في العتبة العباسية المقدسة ).
وأضاف : ( وأعتقد أن هذه الدراسة ستمهّد الطريق لدراسات أخرى تعتمدها كمصدر أساسي ووحيد وختامًا لا يسعني إلا أن أتقدّم بالشكر والتقدير والعرفان للعتبة العباسية المقدسة وإدارة متحف الكفيل، لما أبدوه من دعم ومساندة كان لهما الأثر الأكبر في إنجاح هذا العمل ).
كما صرّحت الباحثة ختام مهدي عبد الأمير بالقول: ( لقد سعيت في هذه الأطروحة إلى تقديم دراسة أكاديمية متكاملة حول " الكشاكيل " وهو موضوع لم يُخصّص له كتاب مستقل سابقًا، رغم ما يحمله من رمزية وعمق وكان هدفي إيضاح الجذور التاريخية والدلالات الرمزية لهذا الوعاء، وتوثيق النماذج المحفوظة في متحف الكفيل باعتبارها تراثًا فنيًا وروحيًا فريدًا ).
وأضافت: ( الدراسة اشتملت على تحليل تفصيلي للكشاكيل من حيث المواد المستخدمة، والزخارف النباتية والحيوانية، والكتابات التي تزيّنها، فضلًا عن رمزية شكلها الذي يحاكي هيئة السفينة ).
وختمت حديثها: ( لا يفوتني أن أتقدّم بالشكر لإدارة المتحف، التي وفّرت لي كل التسهيلات من معلومات وصور ووثائق، وساعدتني بشكل مباشر في الوصول إلى التفاصيل الدقيقة اللازمة لإتمام هذا العمل الأكاديمي ).
من جانبه، أوضح الدكتور شوقي الموسوي معاون رئيس قسم متحف الكفيل : ( المتاحف لم تعد مجرّد أماكن لحفظ القطع الأثرية أو صيانتها وخزنها، بل أصبحت بمثابة مؤسسات بحثية علمية، تُعنى بدراسة المقتنيات وصفياً وتاريخياً، بهدف تسليط الضوء على أفكار وطقوس وتقاليد الشعوب، إن استخدامنا لمقتنيات من التراث الإسلامي ومنها الكشاكيل يُسهم في حفظ وإحياء هذا التراث لا بعرضه فقط، بل بدراسته علميًا ونحن في متحف الكفيل نمتلك مقتنيات غنية تحتوي على بيانات دقيقة وتفاصيل كاملة يمكن أن تشكّل مادة علمية جاهزة للباحثين الجادّين ممن يرغبون بدراستها وتقديم إضافات علمية رصينة من خلالها ).
ويُشار إلى أن هذه الدراسة لا تُعد الأولى التي تتناول مقتنيات متحف الكفيل بوصفها مادة للبحث الأكاديمي، إذ تأتي امتدادًا لأكثر من عشرين دراسة علمية سابقة توزعت بين أطروحات دكتوراه، ورسائل ماجستير، وبحوث علمية تناولت جوانب متعددة من موجودات المتحف وفنونه ومخطوطاته وتحفه، وهو ما يعكس المكانة الكبيرة لمتحف العتبة العباسية المقدسة كمركز تراثي ومعرفي يُغني الدراسات الآثارية والفنية في العراق والعالم العربي .

علي نزار الحسيني
شعبة الاعلام المتحفي