عند الاقتراب من إحدى المحطات الثقافية التي أقامها متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات و على ثلاثة محاور رئيسية من طرق الزائرين فهناك تتجسّد المعروضات المتحفية في شكل جديد خارج جدران المتحف وضمن الموكب الثقافي العام للعتبة العباسية المقدسة لتأخذ مكانها وسط حركة الزحف البشري المتجه صوب كربلاء المقدسة حاملةً معها عبق التاريخ وشيئًا من روح المتحف.
لكن، ما هي هذه المحطات؟ وكيف جُهِّزت؟ وماذا تحوي من معروضات؟
عمل متحف الكفيل على إنشاء ثلاث محطات متحفية على الطرق المؤدية من مدن بابل و النجف الاشرف و بغداد إلى مدينة كربلاء المقدسة ، الفكرة تقوم على تقريب التراث المتحفي من جمهور الزائرين، عبر عرض نماذج مستنسخة لعدد من المقتنيات المتحفية الأصلية الموجودة داخل المتحف وقد جاءت هذه الخطوة امتدادًا لمشروع توسيع دائرة التفاعل الثقافي خارج القاعات المغلقة ونقل جزء من ذاكرة المتحف إلى فضاء المسير الأربعيني.
بدأ العمل من داخل شعبة المختبر في المتحف، حيث تولّت كوادرها تنفيذ مجموعة من العارضات المصغّرة المصممة خصيصًا لهذا الغرض يقول السيد سجاد حسن علي مسؤول الشعبة: ( تم العمل على العارضات المصغرة للقطع المستنسخة التي سيتم استخدامها في المعارض الخارجية، وبعد إتمام صناعة القواعد المصنوعة من الخشب ومعالجته ببعض الأصباغ، صُنِع الجزء العلوي من الزجاج الشفاف لتوضع بداخله المواد المستنسخة الشبيهة بالقطع الموجودة في متحف الكفيل ).
و أضاف : ( تضمّنت المعروضات المستنسخة نماذج لعدد متنوّع من المقتنيات التاريخية والفنية، منها الشمعدانات القديمة، والمسكوكات ، وبعض الأسلحة البيضاء والنارية، فضلًا عن نماذج من فن الأرابيسك الإسلامي، والتي تعكس جانبًا من الزخرفة الدقيقة المستخدمة في التحف وقد جرى توزيع هذه النماذج بشكل متوازن على المحطات الثلاث التي تتوزع على المحاور الرئيسية لزائري الأربعين الحسيني مع بطاقات تعريفية موجزة إلى جانب كل قطعة، تبيّن اسمها وبعض معلوماتها التاريخية ).
ربما لا تستطيع هذه النماذج أن تنقل كل تفاصيل النفائس الأصلية، لكنها قادرة على لفت انتباه الزائر نحو أهمية هذا الإرث الثقافي الإسلامي كما تمثّل هذه الخطوة نافذةً أولى يطلّ منها الزائر على عالم المتحف، وتشجّعه على زيارة قاعته الرئيسة داخل العتبة العباسية لاحقًا، بحثًا عن التفاصيل الكاملة لتلك القطع، والوقوف على سياقاتها التاريخية والفنية.
العارضات المصغّرة صُمّمت بطريقة تتيح لها الحفاظ على الشكل الجمالي والعرض المنظّم فالخشب المُستخدم خضع لعمليات قصّ دقيقة ومعالجة فنية، والزجاج أضيف لحماية النماذج من الغبار والعوامل الجوية هذا الشكل المتكامل جاء نتيجة تلاقٍ بين الجانب الحرفي من جهة، والوعي المتحفي المتخصص من جهة أخرى.
وبينما تواصل قوافل الزائرين مسيرها نحو كربلاء المقدسة تمرّ أعينهم على محطات متحف الكفيل لتقدم فكرة، صورة، وقطعة من ذاكرة الفن والتراث فهل سيتوقف الزائر قليلًا، ليقرأ، و يتأمّل، لكي يأخذ معه أثرًا آخر من هذه الزيارة؟
هذا ما يؤكد عليه القائمون على متحف الكفيل، وهم ينقلون المتحف من الجدران إلى الطريق.
علي نزار الحسيني
شعبة الاعلام المتحفي