في إطار الاحتفاء باليوم العالمي للمتاحف الذي يُصادف الثامن عشر من أيار، ووفقًا لشعار هذا العام (2025) "مستقبل المتاحف في المجتمعات سريعة التغيّر"، يواصل قسم متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات التابع للعتبة العباسية المقدسة أداءه المعرفي المتصاعد مستندًا إلى رؤية علمية تسهم في ترسيخ دور المتاحف كمؤسسات ديناميكية قادرة على مواكبة التحولات المجتمعية المتسارعة.
وخلال عام كامل و منذ الاحتفاء باليوم العالمي للمتاحف 2024 وحتى اليوم، حقق المتحف سلسلة من الإنجازات النوعية في مجالات التعليم المتحفي والبحث العلمي، تمثّلت بتنظيم ثلاث ندوات علمية متخصصة، شكّلت امتداداً عملياً لرؤية المتحف في تعزيز المعرفة وتوسيع دائرة التفاعل الثقافي.
ففي أيار 2024، أقيمت الندوة العلمية التاسعة بعنوان "المتاحف العالمية.. رؤى وآفاق مستقبلية"، والتي ناقشت سبل تطوير المؤسسات المتحفية في ظل التحديات الراهنة، وضرورة دمج التكنولوجيا الحديثة والتخطيط بعيد المدى، بما يعزز قدرة المتاحف على التكيف مع تحولات العصر.
وفي أواخر عام 2024، نظّم المتحف ندوته العلمية العاشرة بعنوان "العناصر العمارية في عمارة العتبات المقدسة في العراق"، وقد تناولت الندوة تجربة عالمية رائدة في الحفاظ على الإرث الثقافي من خلال الكشف عن العناصر العمارية التي دخلت الى العراق عن طريق عمارة المشرق الإسلامي والتطوير عليها و تفكيك هذه العناصر وتحليلها وبالتالي تكون لدى المختصين نظرة عامة حول الموضوع المهم.
أما الندوة الثالثة، التي أقيمت في شهر نيسان الماضي، فجاءت بعنوان "متحف الأرميتاج الدولي (تاريخ وحضارة)"، وسلّطت الضوء على أهمية التبادل المعرفي مع المؤسسات الدولية والاستفادة من تجارب المتاحف الكبرى في التفاعل مع المتغيرات الاجتماعية والثقافية.
وتنسجم هذه الفعاليات مع شعار هذا العام الذي يركّز على استشراف مستقبل المتاحف في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم، حيث يسعى متحف الكفيل إلى ترسيخ حضوره كمؤسسة ثقافية مرنة، قادرة على الاستجابة للتحديات ومواكبة متطلبات التعليم الرقمي والبحث العلمي الحديث.
وفي هذا السياق، طوّر المتحف من منظوماته التقنية والإدارية، من خلال إدخال تقنيات الاستشعار الذكي للتحكم البيئي في المخزن و القاعة المتحفية، وتعزيز برامجه الرقمية الموجهة إلى جمهور المتحف، ما جعل منه بيئة معرفية متكاملة قادرة على التكيف مع المتغيرات وتسريع وتيرة التطوير المؤسسي.
ويمثّل هذا التوجّه امتداداً لاستراتيجية المتحف في ترسيخ دوره كمحور ثقافي وبحثي يتفاعل مع المجتمع، وينظم ملتقيات علمية تسهم في تطوير الكوادر المتخصصة في علوم المتاحف والآثار، بما ينسجم مع دعوة المجلس الدولي للمتاحف إلى تحويل المتاحف إلى مؤسسات مرنة قادرة على الاستجابة للمستقبل المتغير.
ومن خلال هذه المبادرات، يؤكّد متحف الكفيل التزامه المتواصل بالانتقال من دور العرض إلى التأثير، ومن الحفظ إلى التفاعل، ليكون ركيزة معرفية راسخة تسهم في دعم التعليم والبحث وصون الهوية الثقافية في ظل عالم متغيّر.
علي نزار الحسيني
شعبة الاعلام المتحفي