في قاعة عرض نفائس متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات التابع للعتبة العباسية المقدسة وتحديدًا في زاوية يغمرها الجمال الفني والروحي ، نجد زيارة المولى أبي الفضل العباس عليه السلام وهي إحدى اجمل القطع المتحفية التي تُجسِّد عُمق الولاء لراية الطف.
صُنعت هذه القطعة النادرة في مدينة أصفهان الإيرانية، وهي مدينة عُرفت عبر القرون بإرثها العريق في فنون النقش والحرف اليدوية الراقية صيغت من الخشب والنحاس والذهب والزجاج، و بارتفاع 82 سم، تعكس روح الفن الإسلامي الذي يشعّ بعطر الولاء.
تتوسط القطعة كتابة بارزة منقوشة على النحاس تحمل الزيارة المعروفة لساقي عطاشى كربلاء و التي تبدأ بـ ( سلام الله وسلام ملائكته المقربين ) ، وقد تم طلاء حروفها بالذهب الخالص في لوحة تفيض بهاءً وهيبة إذ زينت بإطارٌ غني بنقوش فن الأرابيسك الذي يعد من أجمل فنون الزخرفة الإسلامية، حيث تتشابك فيها الأشكال الهندسية والنباتية بانسيابية تأسر العين ، يعد الأرابيسك تجسيدًا للفن الإسلامي الذي يمزج بين الهندسة والدين، ويعتبر هو خاتم الفنون إذ يشكل الأرابيسك إطارًا يحمي نص الزيارة معززًا بهاءها وجلالها ومضيفًا بعدًا جمالياً يعكس عمق التأمل والوفاء الذي تحمله كلمات الزيارة في هذه الأيام المباركة، ومع أيام عاشوراء، تستحضر هذه القطعة بوقفتها الثابتة معنى التضحية والوفاء، وتعيد إلى الأذهان صورة ساقي العطاشى وهو يقترب إلى الفرات بقلبٍ ملؤه الإيثار، رافضًا أن يشرب قبل أخيه الحسين عليه السلام هي وثيقة خالدة تترجم شعور الملايين ممن يقصدون كربلاء المقدسة ليجددوا عهدهم مع المولى أبي الفضل العباس عليه السلام في كل موسم حزن.
هي زيارة ليست محفورة بالذهب او غيره من المعادن فحسب، بل حفرت في قلوب الزائرين، وها هي اليوم تنبض بالحياة في متحف الكفيل لتكون شاهدة على عشق لا يزول وولاء لا ينكسر .
علي نزار الحسيني
شعبة الاعلام المتحفي