من نوادر و نفائس المقتنيات التي يحتفظ بها متحف الكفيل للنفائس و المخطوطات التابع للعتبة العباسية المقدسة راية شمس الملوك و التي أهداها رابع ملوك الأسرة القاجارية ناصر الدين بن محمد شاه .
بداية الرحلة التي انطلقت فيها الراية برفقة الملك القاجاري بالتحديد عندما كان العراق تحت حكم الوالي العثماني مدحت باشا فأرسل آنذاك ناصر الدين شاه رسالة يبلغ فيها السلطات العليا برغبته للتشرف بزيارة العتبات المقدسة في العراق ، إهتمت الحكومة المحلية في بغداد لإستقبال الشاه القاجاري ، إذ شُيِّد بأمر مدحت باشا قصراً في بستان النجيبية و نصبوا جسراً حديدياً لمرور موكب الشاه عليه ، وصل شاه قاجار الى بغداد في يوم الثلاثاء المصادف الرابع و العشرين من تشرين الثاني من عام 1870 م ، وبعد أداء مراسيم الزيارة للمرقد الكاظمي المقدس و بقية المشاهد المشرفة توجه الى مدينة كربلاء المقدسة في الثلاثين من الشهر ذاته .
و بعد وصوله الى مرقد سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام والتشرف بزيارته توجه مع موكبه الى مرقد قمر بني هاشم عليه السلام و قدم العديد من الهدايا الى العتبات ؛ إذ أمر الملك القاجاري بترميم المراقد المقدسة و توسيع الايوانات و إكساء الجدران بالرخام و فرشه بالسجاد الإيراني الفاخر و قدّمَ رايته الخاصة الى مرقد حامل لواء يوم الطفوف ابي الفضل العباس عليه السلام و التي توجد الآن في مخزن نفائس متحف الكفيل .
و في زمن النظام البعثي البائد نالها ما نالها من التهميش والإهمال فتعرضت بعض معالمها الى التخريب المتعمد من خلال إزالة شعار الدولة القاجارية المتمثل بالأسد و الشمس .
و تم توثيق حادثة إهداء الراية من قبل الشاعر الشيخ محسن أبو الحب الحويزي الحائري بقصيدة كان مطلعها :
يا من رأى علم الإسلام منشوراً
بدا فجلّل آفاق السما نوراً
و أخجل النيرين الزاهرين معاً
فعاد نورهما في ألأفق دَيجوراً
أهداه ناصر دين ألله مبتدئاً
ما زلت ناصر دين ألله منصوراً
ذي راية العدل و التوحيد يحملها
العبّاس في كربلا أيام عاشورا
و يظهر شكل الراية الملكية وهي مصممة على ثلاثة أضلع ، و مطرزة بحبّات اللؤلؤ و محاطة بخيوط الفضة الرائعة ، تم تزيينها بالزخارف النباتية الباهرة و مؤطرة بالزهور الجميلة كتب على جانبيها ابيات للشعر باللغة الفارسية و نجد بوضوح قد طرِّزَ اسم الشاه القاجاري بعبارة " شمس الملوك ناصر دين شاه قاجار " .
و تحتفظ العتبة العباسية المقدسة بهذه الراية الثمينة منذ أكثر من قرن ونصف و يصنفها متحف الكفيل ضمن أبرز مقتنياته النفيسة .
علي الحسيني
شعبة الإعلام المتحفي