يحتوي متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات التابع للعتبة العباسية المقدسة على العديد من المقتنيات والنفائس المهمة والتاريخية، التي تُعدّ من نوادر المجموعات المتحفية، حيث يُعرض جزء منها ويُخزّن وفق أجواء علمية ومعايير مخزنية معتمدة، وتُجرى لها أعمال صيانة دورية للحفاظ عليها لأطول فترة ممكنة.
ومن بين هذه المقتنيات: الباب الفضيّ السابق لمدخل السرداب الشريف في الحرم الطاهر للمولى أبي الفضل العباس عليه السلام والذي كان موجوداً في الجهة الشرقية تحديدًا.
صُنعَ هذا الباب من الخشب المغلّف بالفضة، ويتكوّن من مصراعين متماثلين، يبلغ ارتفاعه نحو مترين وسبعين سنتيمتراً، وعرضه حوالي متر وستين سنتيمتراً، إطار الباب من الفضة المزيّنة بزخارف نباتية، ويؤطر كلَّ مصراعٍ منه آياتٌ قرآنية كُتبت بخطّ الثلث ووُزِّعت بطريقة فنية على الجهتين ليكون مجموعها (32) مقطعًا كتابياً من السور المباركة: (آل عمران، سبأ، مريم، يونس، النصر، غافر، الزمر).
كما يحتوي الباب على ( 13 ) طُرّة: ثلاث منها نباتية، وثمانٍ كتابية كُتب عليها: ( يا علي، يا حضرت عباس )، واثنتان مفقودتان، وقد ثبت بين المصراعين مِصَدٌّ نُقشت عليه زخارف نباتية بارزة، وفي أسفل الباب توجد سلسلة كانت تُستخدم لإغلاقه بإحكام.
يعود تاريخ تثبيت هذا الباب إلى بداية القرن العشرين، إذ تبرّع به أحد المحبّين، واستُبدل في عام 2008م ضمن حملة إعمار شاملة للمرقد المقدّس، وذلك بسبب تآكله بفعل مرور الزمن، وقد تمّ استبداله بباب مذهَّب، وأُرسل الباب الفضي إلى قسم متحف الكفيل لإدامته وصيانته، ومن ثمّ عرضه للزائرين بوصفه إحدى التحف الفنية.
وتقع على عاتق شعبة المختبر في قسم متحف الكفيل للنفائس والمخطوطات مهمةُ إدامته وترميمه دورياً، من خلال إزالة طبقات الصدأ التي تراكمت عليه بفعل الاستخدام السابق، بإستخدام مواد وطرق خاصة، ومن ثمّ يُطلَى بمادة البارالويد (B72) الحافظة بنسبة معينة، ومن ثم يُعرض الباب داخل فاترينا خاصة ليكون أحد أهم مقتنيات متحف الكفيل .
ليظلَّ هذا الباب الفضي شاهداً فنياً ومادياً على فترة من تاريخ العتبة العباسية المقدسة، يحمل في زخارفه وحروفه المحفورة ملامح التقديس ، ويُجسّد روح العمارة الإسلامية في أبهى تجلياتها، ليبقى معروضاً في متحف الكفيل كإرثٍ خالد، ووقفًا مفتوحًا للتأمل في قلوب الزائرين.
علي نزار الحسيني
شعبة الاعلام المتحفي